فاطمه الزهراء أُسوة وقدوة حسنة |
إن المتتبع لسيرة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) يجد انها مدرسة متكاملة في مختلف أبعاد الحياة .. فينبغي أن تكون قدوة لجميع النساء بل وحتى الرجال .. فهي التي وقفت مع أبيها في تبليغ الدعوة الإسلامية، وتحملت أذى مشركي قريش مع الثلة القليلة من المؤمنين في شعب أبي طالب، وتحملت صعوبة الهجرة من مكة إلى المدينة. ووقفت أيضا بجانب أمير المؤمنين(عليه السلام) الذي أرسى دعائم الإسلام.. فكانت المجاهدة والمهاجرة. وتحملت أيضاً الآلام وقساوة الظروف الصعبة جرّاء طلاقها للدنيا واختيارها الآخرة، كما تزوجت بأمير المؤمنين علي(عليه السلام) لتشارك في إسناد الرسالة والإمامة معاً وإرساء قواعد المجتمع الإسلامي ونشر الدعوة الإلهية بجانب أبيها وبعلها الذي نذر نفسه لله تعالى. وهذا خير مثال يقتدين به النساء المسلمات. |
بساطة الحياة الزوجية |
كما انها (عليها السلام) تقاسمت مع الإمام علي (عليه السلام) أعمال الحياة الزوجية فكانت مسؤولية داخل البيت عليها وخارجه عليه (عليه السلام) .. فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن فاطمة (عليها السلام) ضمنت لعلي (عليه السلام) عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت، وضمن لها علي(عليه السلام) ما كان خلف الباب: من نقل الحطب وأن يجيء بالطعام، فقال لها يوماً: يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت: لا والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به. قال: أفلا أخبرتني؟ قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهاني أن أسألك شيئاً، فقال: لاتسألي ابن عمك شيئاً. إن جاءك بشيء عفو، وإلا فلا تسأليه. قال: فخرج الإمام (عليه السلام) فلقي رجلاً فاستقرض منه ديناراً ثُمَّ أقبل به وقد أمسى، فلقى المقداد بن الأسود. فقال للمقداد: ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال:الجوع والذي عظم حقك يا أمير المؤمنين. قال (الراوي): قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ورسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الله حي؟ قال (عليه السلام): ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيٌّ. قال الإمام علي (عليه السلام) للمقداد: فهو أخرجني وقد استقرضت ديناراً وسأوثرك به، فدفعه إليه، فأقبل فوجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالساً وفاطمة (عليها السلام) تصلي وبينهما شيء مغطى، فلما فرغت، احضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم. قال (عليه السلام): يا فاطمة، أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أحدثك بمثلك ومثلها؟ قال: بلى. قال: مثلك مثل زكريا إذا دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقاً، قال: يا مريم أنى لك هذا، قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب(6). فأكلوا منها شهراً وهي الجفنة التي يأكل منها القائم (عليه السلام) وهي عندنا)(7). |
لمعة من إيثارها (عليها السلام) |
من الصفات النقية الأخرى التي تحلت بها الزهراء (عليها السلام)، ـ والتي يجب أن تكون درساً لأي مجتمع وأمة تريد الانطلاق إلى الأمام،ـ هي الزهد والكرم والإيثار والصبر ونحوها من مظاهر الخلق السامي الرفيع. وقصة الاطعام التي وردت في القرآن الحكيم في سورة الدهر أفضل دليل على ذلك، حيث أنفقوا (عليهم السلام) طعامهم الوحيد المؤلف من بضعة أرغفة لا غير، إلى ثلاثة محتاجين في ثلاثة أيام متوالية بقوا فيها طاوين جائعين في سبيل الله، وذلك بعد أن نذروا أن يصوموا لله إذا برأ الحسنان (عليهما السلام) من مرض ألمّ بهما، فلما جلسوا عند الافطار ليتناولوا طعامهم، وإذا بالباب تقرع، وكان ثمة مسكين وراء الباب، فقاموا جميعاً بإعطاء أرغفتهم للمسكين وباتوا جياعاً، وهكذا فعلوا في اليوم الثاني مع اليتيم، وفي اليوم الثالث تكررت الحادثة مع الأسير، فأنزل الله تعالى سورة كاملة بحقهم وهي سورة (الدهر) ومنها هذه الآية: ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) (. وهذه القصة روتها العامة أيضاً(9). |
من عبادتها (عليها السلام) |
وأيضاً كانت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي العابدة لله تعالى بإخلاص وإيمان عالٍ؛ إذ كان قلبها ينبوعاً متفجراً بمعرفة الله والارتباط به سبحانه وتعالى. قال الإمام الحسن (عليه السلام): (رأيت أمي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء.. فقلت لها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدار)(10). |
من علوم الزهراء (عليها السلام) |
ومن الصفات الأُخرى التي تحلت بها سيدة نساء العالمين (عليها السلام) ، ويجب على المسلمين رجالاً ونساءاً أن يقتدوا بها اكثر فأكثر هو العلم.. إذ كانت الزهراء (عليها السلام) عالمة بما لــلكلمة من معنى، فإنها كانت تتلقى العلم من مدينة علم الرسالة وهو النبي (صلى الله عـــليه وآله وسلم) ومن بابها وهو علي (عليه السلام)(11).. فهي العارفة بالله وبحقائق الكون وفلسفة الحياة، كما أن قربها من المسجد النبوي كان يتيح لها أن تتابع أحكام الله وتلاوة آياته المباركة.. هذا إلى جوار ما كان لها من العلم اللدني. فمقاماتها السامية وعلومها الزخارة أهلتّها لأن تقوم بدور التربية والتعليم والتوجيه لنساء العالم في كل عصر ومصر، وخاصة نساء عصرها اللاتي كنّ يجتمعن حولها ويتلقين منها علوم الإسلام ويسألنها عن كل شيء. وقد كانت الزهراء (عليها السلام) المعلمة والمربية حتى للرجال من خلال النساء، فعن الإمام الحسن العسكري قال (عليه السلام): قال رجل لامرأته: اذهبي إلى فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسليها عني: أنا من شيعتكم أو لست من شيعتكم؟ فسألتها، فقالت (عليها السلام): (قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك وتنتهي عما زجرناك عنه، فأنت من شيعتنا وإلا فلا). فرجعت فأخبرته، فقال: يا ويلي ومن ينفك من الذنوب والخطايا، فأنا إذن خالد في النار، فإن من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار! فرجعت المرأة فقالت لفاطمة (عليها السلام) ما قال زوجها.. فقالت فاطمة (عليها السلام) قولي له: (ليس هكذا فان شيعتنا من خيار أهل الجنة، وكل محبينا وموالي أوليائنا ومعادي اعدائنا، والمسلم بقلبه ولسانه لنا ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات، وهم مع ذلك في الجنة، ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها، أو في الطبق الأعلى من جهنم بعذابها، إلى أن نستنقذهم بحبنا منها وننقلهم إلى حضرتنا)(12). |
خطبتها في المسجد |
ومن أهم ما بقي لنا من السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) خطبتها في المسجد التي اشتملت على علوم مختلفة ومعارف جمة.. والخطبة بحاجة إلى مجلدات لتوضيحها(13) .. كما انها (عليها السلام) رسمت عبر خطبتها وسائر مواقفها النهج الصحيح للأجيال القادمة إلى يوم القيامة. |
فاطمه الزهراء ج 2
sha3ere- مدير منتدى منوعات علوم
- وسام :
عدد المساهمات : 261
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2009
العمر : 33
الموقع : https://monawa3at.mam9.com/
- مساهمة رقم 1